تزداد معدلات اندلاع حرائق الغابات عامًا بعد عام، يأتي هذا في ظل تفاقم أزمة المناخ العالمية، ما يتسبب بدوره في إزالة الموائل والإضرار بالتنوع البيولوجي؛ فكما هو معلوم، الغابات بيئة خصبة للتنوع البيولوجي. ويمتد الضرر إلى الإنسان وغذائه وعلاجه، لذلك، يُركز الباحثون والعلماء جهودهم على دراسة النظم البيئية للغابات جيدًا؛ لتوسيع فهمنا حولها، ما يساعد صناع القرار على اتخاذ إجراءات أكثر فاعلية لحماية الغابات وتعزيزها.
للماضي!
يلجأ البشر للماضي إلى فهم الحاضر واتخاذ الاحتياط للمستقبل، ويهتم علماء المناخ خاصة بالماضي. وفي هذا الصدد، أجرت مجموعة بحثية من جامعة ولاية أوريغون بالولايات المتحدة الأمريكية، دراسة تبحث في نشاط حرائق الغابات خلال العصر الجليدي الأخير، الذي شهد العديد من فترات التغير المناخي المفاجئ. ونشروا نتائجهم في دورية "نيتشر" (Nature) في 1 يناير/كانون الثاني 2024.
فحص
حصل العلماء على عينات من نوى الجليد المتراكم في القارة القطبية الجنوبية على مدى عشرات إلى مئات الآلاف من السنين، يحتوي ذلك الجليد على فقاعات للهواء القديم الذي يحفظ غازات الغلاف الجوي خلال تلك الحُقب التاريخية السحيقة، وبعد فحصها وتحديد نسب الغازات فيها، يستخدم العلماء تلك المعلومات في بناء سجلات لمناخ الأرض.
ركز الباحثون على غاز الميثان تحديدًا لمعرفة مصدره؛ خاصة مع ارتفاع نسبته المفاجئة في أثناء العصر الجليدي الأخير، والميثان هو أحد غازات الدفيئة، الذي تبلغ قوته الاحترارية قوة غاز ثاني أكسيد الكربون 80 مرة.
من أين أتى الميثان؟
استخدم الباحثون "مطيافية الكتلة"، وهي تقنية لتحليل العناصر المكونة للمادة. وفي الدراسة، وظفها الباحثون لقياس التركيب النظيري للميثان، لمعرفة مصدر ذلك الغاز في العينات. ووجدوا أنّ ارتفاع مستويات الميثان في الغلاف الجوي مصدرها حرائق الغابات.
بالفعل، وجدت الدراسات السابقة حدوث تغيرات مناخية مفاجئة في أثناء العصر الجليدي الأخير، لكن تأتي هذه الدراسة لتُضيف أنّ حرائق الغابات كانت منتشرة خلال تلك التغيرات المناخية المفاجئة. هذا بدوره يوسع فهمنا لمناخ الماضي، ويسهم في بناء السجلات المناخية بصورة أكثر دقة، ما يعزز المعلومات والبيانات العلمية المتاحة حول الأزمة التي يعاني منها كوكبنا اليوم.